ثلاثاء لا يأتي
29-07-2018

 

أمّي تقول:

"أنجبتُكَ لأجلها،

فكنْ ولدًا طيّبًا،

وأسمعْ كلامي

أنتِ صنيعةُ تلك العينين."

***

كلما كلّمتُ صوتَها،

ارتدّ صدايَ عليّ.

كلما صعدتُ،

هوتْ صخرتي.

قالت: أنت حاملُ هذا الشقاءِ العنيد!

 

***

الثلاثاء نهارٌ باردٌ

يمشي بين خطواتِ الفتياتِ المُسرعات

يعلّق مواعيدَه على معاطفِهنّ الخفيفة

يقيس المسافةَ:

بين جرحي الرطبِ،

وغيمةٍ لم تمطرْ.

***

 

في كلّ واحدةٍ تمرًّ، أراكِ.

كأنّ الزمان يدورُ حول حزامِ سروالكِ! 

أفقد توازني المنهارَ في خطوتكِ.

أجلسُ.

أراوحُ خيبتي ومكاني.

أعانق في غصون السروة غيابَكِ.

عبثُ الدقائق الجالسة بيننا،

كمشهدٍ جنائزيّ،

يتحرّك يمنةً، شمالًا،

أبعدَ من سحابةٍ تهطل

بأنفاسكِ السريعة.

***

أنادي الزمنَ الماضي في شللِ ذاكرتي،

وعجينةُ الوقت في يدَيْنِ تغسلانِ شمسَ الأفق

بالبعيد المستحيلْ.

تستعجبين من دمي،
ووجهي راقدٌ على كتفيكِ.
يعودني الصدى؛

كلما ضحكتْ غمّازتاكِ، قال:

الغيبُ نجمةً وانطفأتْ.

أُعدتُ للمجنون نايَ الحزانى في فؤادي الشريد.

ورحيل العُذريّ أبدًا بين قامتكِ وظلّي القريب.

كلما تفتّحتْ زهرةٌ،

عرفتُ سرًّا للشعر،

وموعدًا لانتظارٍ لا يأتي

مع خاطركِ المتجدّد داخلي.

تدعو أمّي أنْ يهلكَ شيطاني على يديكِ!

***

تدخلينَ عباءةَ القصيدةِ والثلاثاء؛

يعاودُني شبقي وحُمّى شمسٍ تَلوحُ من بعيد.

أيّها القتيلُ لا تمُتْ تمامًا!

سوريا

علاء محمد زريفة

كاتب سوريّ من مدينة حمص. خرّيج قسم التاريخ ــــ كليّة الآداب في جامعة البعث. له مقالات منشورة في العديد من الصحف المحلّة والعربيّة.