قصائد

                 1 في أرضكِ المأهولةِ بالبعيد يلتفت الآن اسمي واسمُك  وأنزلُ سالمًا مثل القصائد لأدافعَ عن طيشِ جسدك. هيلين، لا توقظي حلمكِ ممّا أراه فيكِ وحولك واتركي لقافلة السماءِ شكلَها لتعبري كوكبًا آخرَ قرب نخيل يديكِ ونهرك. هيلين، لكِ غربةُ...
  يشبه سوسنةً مدهوسة، ويشبه نومًا بأغطيةٍ مبلّلةٍ بأمطارٍ تسقطُ في شارعٍ ليس قريبًا. يشبه مقهًى مزدحمًا بالقشّ والحجارة وبمُعدّاتِ البناء التي لا تلزم،  ومزدحِمًا بأصواتٍ مستعارة، وتنهّداتٍ مستعارة، وأصابعَ مستعارة، وببشرٍ حقيقيين وعراةٍ حتّى العظم...
  جرحٌ بسيطٌ أسفلَ الركبة   وآخرُ في القلب: لا شيء يستدعي هذا الترنّح، بينما يرندح الصامتون أغنيةً حزينةً عن الهجران وعن الحرب. الصامتون اللاذعون،  الغائرون في نُدبٍ قديمة،  الصاخبون كأصواتِ استغاثة، النائمون في الصوت وفي همهماتِ القتلى، يخافون...
  متفاديًا أيَّ ارتطامٍ بالسحابْ، مسَّت يداهُ الشمسَ: لوَّح من بعيدٍ ثُمّ آب. مِن غدرِ مَن غدروا بهِ، يشكو. ولكنْ ــــ مرغمًا ــــ حَضرَ الوليمةَ. صافحَ القتلى جميعًا وانتهى زَمنُ العزاءْ! مَرِنٌ، ولكنْ ــــ عندما غَدَروا به ــــ جعلوهُ يصلحُ...
             أَستعيدُ قيثارتي القديمةَ بغُبارِها، ورائحةَ تِبغِكَ المُختمِرة. أُبْحرُ في قوافي الهذيانِ العاري إلّا من صوتِكَ، وأُسدل الخمائلَ إلّا من الشرفةِ التي وقفَتْ عليها آخرُ قشعريرةٍ ارتدَتْها عيناكَ على مَرأًى من قُبّرةٍ وليدةٍ استَرقَتْ...
  كانوا أربعة وأنا كنتُ خامسَهم، وكان الثلجُ ــــ بدون حسابٍ ــــ يجْلدُنا كذئابٍ جائعةٍ تهاجمُ السناجيبَ، فتجْمد البسمةُ يذبحُها العطشُ، ويجمد الحلمُ بين الغيوم؛ يجتّثُه الكابوسُ من رحِمِ الوردةِ النافرة.             *** فجأةً أنارتِ الليلَ أشكالٌ...
            ذخائر رطبة طاولة ونبضٌ يبحثُ عن قلبِه، وعند الباب صُنبورُ ماءٍ لم يفتحْه أحدٌ منذُ ثلاثينَ قرنًا، وأنا أحيا كسيجارةِ جدّي الأخيرة. أنظرُ إلى السماء: كلُّ العصافيرِ تطيرُ بلا أجنحة. أنظرُ إلى الجدران: كلُّ الساعاتِ تمشي دونَ عقارب. وفي...
  الحقيقة والسراب الثلجُ هنا كأكثرِ الأشياء يؤرجحُنا بينَ الحقيقةِ والسراب، ويغمرُ أحيانًا كلَّ شيءٍ حقيقيّ، يجمِّد كلَّ شيء. يغشى الأشجارَ. يلوّنُ وجهَ الليل... ويحوَّلُ البحيراتِ أرضًا زجاجيَّة. ويمسي أحيانًا سرابًا، إذ تداعبَ وجهَهُ قطراتُ الندى...
  وطني، أيّها الملاكمُ الصّنديد، اهدأْ؛ فالجولةُ بيننا انتهت وها أنا أترنّحُ قليلًا قبل أن أسقطَ أرضًا.             *** لا أحدَ يُوليني اهتمامَه، أنا الشاعرَ  ذا القصائدِ السّريعة كالطّلقة. في طفولتي  مَنعني مصروفُ الجيْبِ من الخروج إلى الشارع...
  مساءٌ عجوز بيتي هادئٌ هذا المساء وأنا هادئٌ كبيْتي. ونحنُ الاثنانِ نشبهُ كلبةَ الجيران: كلّما تعودُ من المقبرةِ تهدأَ العاصفة، وتكفُّ الطائراتُ العجوزُ حكاياتِها، ويُحني العشبُ رأسَه.   بشير العاني لستُ وحيدًا... أرقصُ مع رقبتي قبل الذبحِ وأبتسم....
  وأُصلبُ في سريري مرّةً بالوردِ... بالعلّيقِ...   بالكبّادِ. أُصلبُ كالفراشةِ حينَ يهطلُ نورُها موتًا شحيحَ الرّائحه. هي ذي "صباحُ الخيرِ،" قبلتُكَ الجميلةُ فوقَ حزني. هي ذي "بَحِبِّكْ،" لكنةُ الوجعِ المهجَّرِ بين شهقاتِ الفؤادْ تحيي نهارًا كدتُ...
  بالونة سابت إيدين البنت مفرودة وطارت فى الهوا. البنت بصّت لها ــــــــ وكإنّها كان نفسها يطلع لها جناحات. أوقات الخوف على الأشياء بيكون أهمّ كتير من الخوف ع البشر.             *** البنت كانت عينيها البريئة بتراقب الخيط اللي طاير في الهوا وبتندهه...
  لوَّحَتْ لي بآخرِ رغيفٍ أكلَتْ لحمَه ودمَه بيدٍ مُنمنمَة قلتُ لِفمها: تُفّاحةً أُحبُّكِ وبكيتُ سمكتين كاملتين تُشبِعان مُتوسِّطًا هكذا تَعارفنا في الحُديْدَةِ أنا وذاتُ اليدِ الجميلةِ التصقنا بِذَرّات الطَّحينِ الهالكة تَنشَّقنا كلَّ أرواحِ...
  أيّها البحر، ألم تذْكرْني؟! أنا الذي تحدّيتُ آلهتَكَ وحطّمتُ جبروتَك بعد أن تحدّيتُ آلهة الأرض. أنا الأسمر، سليلُ بعل وعناه،* جئتكَ من بلادِ الخبز والقمح والزيتون لأعبرَكَ عبورَ المحارب، فعجز بوسيدون عن ابتلاعي، وعجز هيدز عن إلحاقي بعالمه المظلم...
  ثلاث سنوات على وجودي في السويد، وأنا أبحثُ عن أدنى معايير الحبّ، عن ثغرةٍ في نظامٍ قد تربطني بهذه البلاد الباردة. أبحث عن حصًى مبعثرةٍ في الطرقات بفعل الصدفة. عن غبارٍ أو بُخار على زجاج سيّارات المدينة، لأكتبَ اسمَكِ، وأرسمَ قلبًا وسهمًا أو بصمةً...