انطلق الجابري في محاورته قضايا الفكر العربيّ من هواجس الإصلاح التي أطّرتْ أفقَ الحركة الفكريّة في القرن العشرين، لكنّه تجاوزها مستفيدًا من تطوّر النظريّات العلميّة المتبلورة في سياق الأبحاث الغربيّة. هنا نلمس جهدَه البالغ لـ"تبيئة" الإصلاح في سياق الفكر العربيّ، موفّرًا مساحةً كبرى للمرجعيّة العربيّة الإسلاميّة باعتبار دورها الطلائعيّ في تحقيق الإصلاح، خلافًا لبعض الأعمال التي راحت تحاكم الفكر العربيّ من خلال مفاهيم الفكر الغربيّ وأجهزته النظريّة.
فأيّة راهنيّةٍ لفكر الجابري اليوم؟ وكيف تسعفنا الآليّاتُ التي أسّسها في رسم ملامح المشروع النهضويّ العربيّ، ضمن مناخٍ يتّسم بالصراع الدمويّ وبانهيار الدولة القطْرية وبعودة الاحتلال الأجنبيّ المباشر؟ وكيف يمكن أن تكون ثنائيّةُ "الثقافة/السياسة،" التي قامت عليها رؤيتُه الإصلاحيّة، فاعلةً اليوم مع تراجع المثقّف عن الانخراط في الشأن العامّ؟ وكيف تمْكن الاستفادة من اشتغاله بالنظم المعرفيّة من أجل مقاربة المعضلة اللغويّة في الوطن العربيّ اليوم؟
هنا ملفٌّ يستذكر مفاصلَ مشروع الجابري الفكريّ، محاولًا مقاربةَ الأسئلة أعلاه، آملين أن يفتح سؤالَ المشروع النهضويّ العربيّ على مصراعيْه.
شارك في الملفّ: رشيد الإدريسي، وعبد المجيد جهاد، وعصام عابد الجابري، ومحمد غنايم.