استطلاع: المقاومة في غزّة و"قانون القومية"
26-09-2018

 

أجرت الآداب جولةَ استطلاع مع عدد من ممثّلي القوى الوطنيّة والإسلاميّة في غزّة حول موقفهم من "قانون القوميّة" الذي صدر عن برلمان العدوّ. ويَعتبر هذا القانون دولةَ إسرائيل دولةً "للشعب اليهوديّ،" ويَحصر حقَّ ممارسة تقرير المصير فيها بهذا "الشعب" وحده. وهو يعتبر الاستيطان "قيمةً قوميّة" ينبغي تعزيزُها.

***

حماس: إنّه القانون الأكثر عنصريّةً

وصف محمد فرج الغول، النائبُ في المجلس التشريعيّ الفلسطينيّ عن حركة حماس، ورئيسُ الدائرة القانونيّة فيه، "قانونَ القوميّة" بأنّه "الأكثر عنصريّة، ولا قيمة له في الوعي والميزان الوطنيّ الفلسطينيّ، ولا يغيِّر من حقائق التاريخ شيئًا."

وقال إنّ القانون يعيد تعريفَ طبيعة الصراع الصهيونيّ ــــ الفلسطينيّ "من صراع احتلاليّ سياسيّ إلى صراع دينيّ محض." وجزم بأنّ القانون "يُكرِّس العنصريّة الصهيونيّة، التي تُمثّل نموذجًا جديدًا للفاشيّة والنازيّة اللتين انتشرتا في القرن الماضي."

ورأى أنّ القانون يَخْرق كلَّ القرارات الدوليّة "التي تنصّ على الحقوق الشرعيّة للشعب الفلسطينيّ، ومبادئ القانون الدوليّ، والأسُس التي قامت عليها الأممُ المتحدة، وبالأخصّ مبدأ عدم التمييز العنصريّ، وحقّ عودة اللاجئين الفلسطينيين، وقرارات وقف الاستيطان (أكثر من من 170 قرارًا صادرًا عن الأمَم المتحدة!)."

وأكّد الغول أنّ الكنيست فاقدٌ للشرعيّة القانونيّة والدوليّة والأخلاقيّة، ومن ثمّ فإنّ هذا القانون لا قيمة قانونيّة له "لأنه صادرٌ عن جهةٍ غير ذات صفة."

وطالب السلطةَ الفلسطينيّة باتخاذ خطوات جدّيّة للتصدّي لهذا القانون، والإقلاع عن مجرّد "الشجب" و"الاستنكار." كما طالب بـ"الإلغاء الفوري لاتفاقيّات أوسلو" لأنّ هذا القانون نَسف أيَّ آمالٍ او أوهام بـ"التسوية." وشدّد على لزوم الارتكاز إلى "استراتيجيّة وطنيّة شاملة، تتولّى ترتيبَ البيت الفلسطينيّ الداخليّ على أسُس سليمة، تدير الصراعَ مع الاحتلال على قاعدة حماية الحقوق والثوابت الوطنيّة، بعيدًا عن التنازل والارتهان للضغوط والمساومات الرخيصة."

 

حركة الجهاد: القانون يفضح العنصريّة وينعى "التسوية"

عضو لجنة العلاقات الوطنيّة والإسلاميّة في حركة الجهاد الإسلاميّ، خضر حبيب، عدّ "قانونَ القوميّة" فضيحةً للمشروع الصهيونيّ، وإعلانَ نعي لمشروع التسوية.

وقال حبيب إنّ مثلَ هذه القوانين يؤكّد المؤكَّد. ولذا، فإنّها لم تَصدمْ "إلّا مَن كان يراهن على مشروع التسوية، ومَن كان يعتقد أنّ إسرائيل يُمكن أن تكون حليفةً له."

ولفت إلى أنّ قانون القوميّة يؤكّد أنّ دولة الاحتلال ماضية في القضاء على الوجود الفلسطينيّ في فلسطين 1948؛ كما أنّه يُمهد لمصادرة المزيد من أراضي الضفة الغربيّة وضمّها إلى الكتل الاستيطانيّة هناك. "نحن أمام مرحلة جديدة من مراحل الترانسفير لأهلنا في القدس والداخل المحتلّ،" قال. فالقانون يَحمل عناصرَ تُبرز "تفوّقَ" اليهود، وتمنَحهم مزيدًا من الامتيازات؛ وهو ما قد يَدفع العرب، أصحابَ الأرض الحقيقيين، إلى الهجرة.

وطالب حبيب السلطةَ الفلسطينيّة بتدارك خطورة هذا الأمر، والتوقّفِ عن المراهنة على العودة إلى المفاوضات، والإسراعِ إلى وقف "التنسيق الأمنيّ" الذى يصبّ في خدمة الاحتلال وجعلِ احتلاله "مريحًا وبلا كلفة." كما دعاها إلى رسم استراتيجيّة فلسطينيّة موحّدة: تفعِّل كلَّ أدوات الفعل النضاليّ في مواجهة الاحتلال، وتعزّز دور مختلف الساحات الفلسطينيّة.

 

الجبهة الديمقراطيّة: القانون أعلن "اسرائيل" رسميًّا دولة أبرتهايد

نائبُ مسؤول الجبهة الديمقراطيّة في قطاع غزّة، طلال أبو ظريفة، رأى أنّ القانون "يتنافى مع المبادئ والقانون الدوليّ الإنسانيّ، ويتنكّر للحقوق الإنسانيّة التي كفلتْها الاتفاقيّاتُ الدوليّة، ويُكرِّس منهجيّة العنصريّة الأبرتهاديّة الموجّهة ضد الشعب الفلسطينيّ."

وشرح النقطة الأخيرة قائلًا إنّ "إسرائيل،" بموجب هذا القانون، تصبح "رسميًّا دولةَ ابرتهايد، ولا يُمكن ولو مجرّدُ الادّعاء أنّها دولة ديمقراطيّة؛ إذ لا مكان للديمقراطيّة في دولةٍ تكرّس قوميّةً على حساب قوميّات."
وحذّر أبو ظريفة من تداعيات القانون على مستقبل الفلسطينيين في البلاد، مبيّنًا أنّه يمهِّد لصدور تشريعات تمييزيّة تؤدّي إلى إلغاء الوجود الفلسطيني في الداخل.

ودعا أبو ظريفة فلسطينيي 48 إلى مواصلة كفاحهم لكسرِ "قانون القوميّة" ومنع تمريره. وناشد المتضرِّرين التوجّهَ إلى القضاء الدوليّ للمطالبة بتحميل الاحتلال المسؤوليّةَ، وإلزامِه التعويضَ من الأضرار التي ستترتّب على تطبيق القانون العنصريّ.

وأكّد ضرورةَ توجيه رسائل إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبيّ والبرلمانات العربيّة والأوروبيّة والمؤسّسات الحقوقيّة لإحاطتهم بما آلت اليه أوضاعُ الفلسطينيين، في الضفة الغربيّة والقدس وقطاع غزّة ومخيّمات الشتات، بسبب مُمارسات الاحتلال.

غزّة

محمود هنية

صحافي فلسطيني.