لا تمنحوها ورقةَ التوت!
24-09-2018

 

أثناء عملي على أطروحتي الجامعيّة قبل أعوام، وقعتُ على ملصقٍ إعلانيّ، باللغة العبريّة، لمنظمة "إيرغون" الإرهابيّة الصهيونيّة. الملصق، الصادر سنة 1946، جاء بعنوان "الحلّ الأوحد،" ويُظهر خارطةً لـ "أرض إسرائيل،" التي تشمل فلسطينَ التاريخيّة والأردن، وعلى امتداد الخارطة رسمٌ لبندقيّة. المشروع الصهونيّ كان، منذ البداية إذًا، يهدف إلى احتلال ضفّتَي نهر الأردن، الشرقيّة والغربيّة، وإلى طرد السكّان الفلسطينيين الأصليين، باستخدام وسائل القتل والتجويع والترهيب.

هل تغيّر هذا المشروعُ اليوم؟

 كلّا، قطْعًا. وليس أدلّ على ذلك من  إقرار البرلمان الصهيونيّ (الكنيست) "قانونَ القوميّة" في 19 تمّوز/يوليو 2018. فمن يقرأ القانون يتّضح له، بلا أدنى لبس، أنّ الدولة الصهيونيّة كانت وما تزال تعمل، بوتائرَ مختلفة وأساليبَ شتّى، على محو وجودنا وثقافتنا ولغتنا ورموزنا، لصالحِ كلِّ ما يمتّ إلى الصهيونيّة بصِلة. ولذا كان بديهيًّا أن يستشيط النوّابُ العربُ غيظًا، وأن يمزّقوا صفحاتِ القانون في جلسة إقراره؛ فهؤلاء النوّاب الذين "صدّقوا" طويلًا إمكانيّة تحقيق ولو شيئًا ضئيلًا من "المساواة والمواطَنة" داخل الدولة الإسرائيليّة، "صُدموا" على ما بدا، و"اتّضح" لهم بأنّ مساعيَهم وأحلامَهم طوال سبعة عقود ذهبتْ أدراج الرياح.

لكنْ هل كان عليهم الانتظارُ كلَّ هذه العقود كي"يكتشفوا" ذلك؟

كيف وثِقوا أصلًا بأنّ كيانًا قام من أساسه على التطهير العرقيّ، كما يبيّن ملصقُ الإيرغون، سـ"يَعطف" في يومٍ لاحقٍ على ضحاياه؟ كيف أمكنهم ولو مجرّدُ تخيّل إمكانيّة التقاء جبليْن تحت أيّ ظرفٍ من الظروف؟

إنّ قانون القومية (2018) ما هو إلّا نسخةٌ "قانونيّةٌ" عن ملصق الإيرغون (1946). وما المفاوضات واللقاءات والوعود المعسولة إلّا ألاعيبُ يستخدمها الكيانُ الصهيونيّ من أجل كسب الوقت سعيًا إلى المزيد من الضمّ والإلحاق والتهويد والأسرلة والتهجير.

فإلى متى تحاولون تغطيةَ الشمس بغربال، أيها النوّاب العرب الأفاضل داخل الكنيست؟

أليس أجدرَ بكم أن تكرّسوا كاملَ جهودكم من أجل إعادة بناء قوّة شعبكم، وتمكينِه من مواجهة سياسات اقتلاعه المتدحرجة منذ أكثر من 70 عامًا؟

إنّ تمزيقَ القانون في الكنيست لا يكفي. وإنّ الصراخَ من داخل الكنيست لا يجدي. وإنّ النضال المنبريّ أثبت فشلَه عمليًّا. إسرائيل تريدكم ورقةَ توتٍ "ديمقراطيّةً" تغطّي عوراتِها منذ ما قبل التأسيس. لا تمنحوها هذه الورقة. انسحبوا!

وتعبيرًا عن موقفي هذا، رأيتُ أن أقدّم هذا العمل المثلّث:

 

 

فلسطين المحتلّة

رنا بشارة

وُلدتْ في ترشيحا، الجليل، شمال فلسطين. حصلتْ على البكالوريوس في الفنون الجميلة والدراسات النسويّة من جامعة حيفا. نالت درجةَ الماجستير في الفنون الجميلة من كليّة سافانا الأميركيّة. ترأّستْ قسمَ الفنون في جامعة القدس العربيّة بين الأعوام 2009-2011.

تتميّز بالفنون التركيبية، والرسم، والحفر، والطباعة، والنحت، والتصوير الفوتوغرافيّ. تنتصر في أعمالها لقضايا شعبها الرازح تحت الاحتلال. شاركتْ في العديد من المعارض الشخصيّة والجماعيّة في فلسطين وخارجها، ومنها: المتحف الوطني الأردني ودارة الفنون (عمّان)، وكليّة سافانا للفنون الجميلة، وجمعيّة Art Omi (نيويورك).