ابتسامةٌ لوجهِ الله
29-07-2018

 

 

هل نضعُ الملحَ مع الثوم أثناء حمسه بالزيت، أمْ من الممكن أن نحمس الثومَ ونضعَ الملحَ فيما بعد؟ وهل نضعُ الثومَ عندما يكون الزيتُ باردًا، أمْ نضعه بعد أن نحمّي الزيت؟

بعد صفنة قصيرة تذكّرتُ أنّ أمي كانت تضع الثومَ على الزيت باردًا، مع رشّة ملح، وتُحرّكه على نارٍ هادئة، حتى يحمرَّ وتفوحَ رائحتُه الشهيّة في أرجاء البيت.

إذًا: زيتُ الزيتون أولًا، ومن بعده الثومُ المفروم، ثم رشّةُ الملح "بحسب الطلب" كما يقولون في برامج الطبخ. والآن نوقد الغازَ، ونضع المؤشّر على أضعف عيار، ونحرّك بملعقةٍ من الخشب، وننتظر إلى أن يتمّ الأمر.

الملعقة الخشبيّة الصغيرة التي أستخدمُها في التحريك كنتُ قد ابتعتُها قبل مدّة قصيرة من عجوزٍ يجلس على الرصيف ويصنعها من خشب السنديان أو الزيتون. كان يضع السيجارةَ في زاوية فمه، ولا يرفعها إلّا بعد أن تنتهي وتكاد تحرق شفتيْه. لاحظتُ أنه يستهلك ثلاثَ سجائر في صناعة الملعقة الواحدة. والملعقة التي في يدي الآن استغرقتْ زمنًا محسوبًا مثل حمس الثوم، الذي ملأتْ رائحتُه أنفي، وبدأ لونُه يميل إلى الأشقر، وأصبح من اللازم الآن إضافةُ البندورة المقشّرة والمقطّعة مسبقًا، ومن ثمّ انتظار الخليط حتّى ينضج أو "يعْقد"؛ فـ"الطبخ نطارة وليس شطارة" كما يُقال.

ما إنْ وضعتُ البندورة حتّى بدأت الرائحةُ الجديدةُ تعلن عن مرحلةٍ متقدّمةٍ في الطبخ. وفي الخارج بدأ تساقطُ الأمطار بشكلٍ فُجائيّ، مترافقًا مع أضواء البرق الخاطفة ــ ــ وهو مشهدٌ عبّر عنه أحدُ الأطفال يومًا بقوله: "إنّ الله يأخذ لنا صورةً من السماء."

ردّتني رائحةُ البندورة والثوم وقصّةُ "الفلاش" الإلهيّ إلى طفولتي. فقد كنتُ أعود من المدرسة بعد الظهر، وأمشي في زواريب الحيّ وصولًا إلى بيتنا، ترافقني روائحُ الطبخ المتسرّبة من النوافذ طوال الطريق، فيتضاعف جوعي كلّ عدّة أمتار. وفي البيت، كانت تستقبلني رائحةٌ مشابهة، فأنزع حقيبتي عن ظهري، وأغسل يديَّ بناءً على تهديدات الوالدة: "إذا ما بتغسّل إيديك ما فيه أكل!"
 

***
 

قطع شرودي صوتُ رنينِ جوّالي. كان صديقي سماح هو المتّصل، يدعوني إلى عرضٍ مسرحيّ سيُقدّم عصرَ اليوم. اعتذرتُ عن الحضور من دون ذكر الأسباب. ولكنْ هيهات! فليس سماح مَن يتركك قبل أن يفهمَ ما يحصل:

ــــ أهو موعد غراميّ؟

قال باختصار، وبلهجةِ محقِّقٍ بوليسيّ.

هو صديقي الوحيد من بين أصدقائي القلّة الذين لم يتركوا البلادَ هربًا من هذه الحرب. كان ينتقد مَن سافروا، ويصفهم بـ"الجبناء." وكنتُ أختلفُ وإيّاه، وأرى أنّ من حقّ الإنسان أن يبحث عن خلاصه الفرديّ. وعندما سألني مرّةً: "لماذا لم تسافرْ أنت إذًا؟" أجبتًه: "لم يخطر ذلك في بالي." لم يصدّقْني، واعتبرني أتهرّب من الإجابة، واعتبَرَ أنّ هذا جبنٌ أيضًا. لم أناقشْه: فالشجاعة والجبن أمران يصعب عليّ فهمُهما، على الرغم من بداهة الفكرة.  

كان لا بدّ من الاعتراف، فقلت:

ــــ لقد دعوتُ صديقتي إلى الغداء، ولا أعلم كيف ستسير الأمور.

ــــ وماذا ستقدِّم لها؟ سألني.

ــــ حاليًّا، أطبخ مطبّق باذنجان.

ما إنْ سمع سماح اسمَ الطبخة حتى انفجر ضاحكًا وهو يقول:

ــــ مجنون أنت؟ مَن يقدّم مثلَ هذا الطعام في موعدٍ غراميّ؟!

سألتُه عن الطعام المناسب في مثل هذه الحالات. فبدأ يكلّمني عن السمَك والمأكولات البحريّة، وعن البهارات وأنواعِها المختلفة. وأشاد بالفلفل الأحمر، والزنجبيل، والزعفران. ونصحني بقراءة بعض الكتب عن تأثير البهارات في الناحية الجنسيّة. ثمّ أعطاني بعضَ الملاحظات عن الأجواء الرومانسيّة ــ ــ مثل ضرورة وجود الشموع العطريّة، والنبيذ، والإضاءة الخفيفة. كذلك نصحني بحضور فيلم Babette's Feast. ووعدني بأن يتصل بي لاحقًا "ليطمئنّ على سير الأمور."

كان الأوان قد فات على ذلك كلّه؛ فأنا على بُعد ساعةٍ واحدةٍ فقط من موعدي مع إلزا، التي تعرّفتُ إليها قبل شهر مصادفةً حين وجدتُها أمام مدخل البناء الذي أعمل فيه وسألتني عن عيادة طبيب أسنان تتذكّر اسمَه الأوّلَ فقط: فادي. شعرتُ في تلك اللحظة أنّني ربحتُ الجائزة الكبرى في اليانصيب. كنتُ أراها من نافذة مكتبي في صباحات بعض الأيّام أثناء ذهابها إلى عملها. وعندما ضبطني مرّةً أحدُ زملائي في العمل أراقبُها وهي تمشي وتلوي رقابَ المارّة خلفها، نصحني بعدم التفكير فيها لأنّ جمالها، كما قال، "فوق طاقتي على الاحتمال."

شاءت الأقدار أن يكون الدكتور فادي قريبي. فعرضتُ عليها مرافقتَها، بعد أن ادّعيتُ أنّني كنتُ في طريقي إليه. في الطريق تبادلنا أطرافَ الحديث وعرفتُ أنّ اسمها إلزا. سألتُها إنْ كان اسمُها على اسم حبيبة الشاعر الفرنسيّ أراغون، الذي كتب قصيدةً شهيرةً بعنوان "عينا إلزا." وقبل أن تجيب ذكرتُ لها المقطعَ الأوّلَ من القصيدة:

"عيناكِ هما من العمق بحيث أرى ـــ حين أنحني لأشربَ ـــ

 الشُّموسَ كلّها وقد أتت لتنعكسَ فيهما،

وليرتميَ فيهما، حتّى الموتِ، كلُّ اليائسين.

عيناكِ هما من العمق بحيث أضعتُ ذاكرتي فيهما."

عندما رأيتُها تبتسم بخجلٍ، شعرتُ أنّني أحدثتُ ثغرةً صغيرةً في الجدار الذي يفصل بيننا. فشكرتُ ذاكرتي، وأراغون، وقريبي الدكتور. وشكرتُ نافذةَ مكتبي، والطريق، والسماء، والسيّارات، وكلَّ ما حولنا من جمادٍ أو نبات.

خلال الشهر الفائت التقينا عدّة مرّات. وتبادلنا في آخر لقاءٍ قبلةً ناعمةً يتيمةً في مدخل بيتها حين كنتُ أوصلها ليلًا إلى هناك. واليوم، تزورني للمرّة الأولى في بيتي، وأنا على موعد مع الجمال والأنوثة و كلِّ ما جال ويجول في خاطري من أفكارٍ مجنونةٍ وشيطنات.

***

كنتُ قد جهّزتُ الباذنجان مسبّقًا. فقشّرته، وقطّعته، وقليتُه بالزيت النباتيّ حتى صار لونُه أشقرَ هو الآخر، بانتظار أن "تعقد" البندورة، فأُسقطَه فوقها، ولا يبقى عليّ سوى الانتظار إلى أن تنضج الطبخة، لأضعَ فوقها (قبل دقيقةٍ من إطفاء الغاز) رشّةً من النعناع اليابس أو الأخضر المفروم.

وعندما تطبخ مطبّق باذنجان، فمن المستحسن أن يكون إلى جواره صحنٌ من السلطة. أحبّ أن أصنع السلطة بأبسط أشكالها، ويبدو أنني أحبّ كلّ الأشياء بهذه الطريقة ــ ــ بدءًا من الثياب والطعام، مرورًا بأثاث البيت والنساء وأسلوب العيش. يمكنني القول: إنّ هذا ليس "خيارًا" بكل ما في الكلمة من معنًى. فالسلطة التي أحبّها، والمطبّق باذنجان الذي أحبُّه، وباقي أنواع الطعام، هي التي كنت آكلُها في بيتنا بالطريقة التي كانت تصنعها والدتي؛ فذائقتي موشومةٌ بهذه النكهات منذ طفولتي. وبناءً عليه ستكون السلطة بهذا الشكل: بندورة مقطّعة على شكل مكعّباتٍ كبيرة، وخيار مقشّر جزئيًّا ومقطّع بشكل مكعّبات أيضًا، وأوراق بصل أخضر مفرومة، و"سنّة" ثوم مفرومة، ورشّة ملح، وزيت زيتون، والقليل من أوراق الزعتر البرّيّ، وعصير ليمون بلديّ (حذارِ ثمّ حذارِ من استخدام ملح الليمون)، وأخيرًا ابتسامة عريضة مرافقة لخلط كلّ ذلك باليدين معًا.

***

عندما دعوتُها إلى الغداء سألتُها:

ــــ أيّ الأكلات تحبّين؟  

ــــ أحبّ كلَّ ما يُطبخ على الأصول، قالت.

ثمّ أضافت بدلعٍ أنثويّ:

ــــ وعلى نارٍ هادئةٍ بالتأكيد.  

لم أتوقّع هذا الجواب، وسألتُ نفسي: أيكون  تلميحًا إلى ما هو أبعدُ من الطبخ أو الطعام؟ لم تكن إلزا غبيّةً كي لا يخطر لي هذا الخاطر. فقرّرتُ التعاملَ معه على أنّه رسالة تريد منها تنبيهي إلى أنّها تهتمّ "بالتفاصيل،" وأنّ عليّ أن أكونَ لطيفًا معها في أوّل لقاءٍ خاصٍّ بيننا.

ــــ بالتأكيد على نار هادئة، قلتُ وقلبي يخفق بشدّة.

ــــ وتهمُّني أيضًا المقبِّلات، قالتها همسًا مع ابتسامةٍ ساحرة. 

إذًا، أنا على حقّ. وها هي ابتسامتُها توضح الأمر.

ــــ وبعد الانتهاء من الطعام، ماذا تفضّلين؟ الفاكهة أمِ المشروبات؟ سألتُها منتظرًا رسالةً أخرى.

ــــ لنتركْ ما بعد الطعام إلى ما بعد الطعام، قالت وهي تنهض مودِّعةً.

لكنّها قبل أن تتركَ يدي أضافت:

ــــ ولكنْ بجدّ، بجدّ، أريدُكَ أنْ تطبخَ أكلةً تحبُّها أنت. أريدُ أنْ أشارككَ ما تحبّ أنت من الطعام. دَعْ ما أحبُّ أنا جانبًا إلى مرّةٍ أخرى.

كان كلامُها واضحًا هذه المرّة ، ولا يحمل أيّة تلميحات. فقرّرتُ أن أطبخ هذه الطبخةَ البسيطة، غيرَ الرومانسيّة، التي أحبّها بحقّ.

***

رائحة "المطبّق" التي أعرفها بدأتْ تُدغدغُ أنفي معلنةً أنّ الوقت قد حان لإطفاء الغاز. قمتُ بذلك بعد أن أضفتُ النعناعَ الأخضرَ المفروم، وبعد أن تذوّقتُ "الصوص" بطرفِ الملعقة. وما إنْ لمس شفتيّ حتى أحسستُ بذلك الطعم الرائع!

بقي إخراجُ اللبن من البرّاد. وبالمناسبة، يُعتبر اللبن مادّةً أساسيّةً على مائدة الغداء بالنسبة إلى عائلتنا، وأغلبِ سكّان الساحل السوريّ، ولا أعلم حالَ المناطق الأخرى.

من جديدٍ يرنّ جوّالي، فأجدُ اسمَ سماح على الشاشة. أرفض المكالمة، وأرسلُ إليه رسالة اعتذار؛ فإلزا ستصل في أيّةِ لحظة، ولستُ في حاجة إلى ما يشوِّش ذهني. بعد ثانيةٍ يأتي ردّ ُسماح، مع قلب صغير أحمر و"سمايلي فيْس" يمدّ لسانَه ساخرًا.

ــــ لا تنسَ البهارات!

في تلك اللحظة سمعتُ صوتَ خطواتها تطرق البلاطَ في الخارج. قمتُ وفتحتُ الباب، لأجدها هناك بكامل ألقها؛ تُغلّفها غلالةٌ من العطر، وفيضٌ من الأنوثة الضاربة، وسحرُ ألف ليلة وليلة، وابتسامةٌ لطيفةٌ تضفي على عينيها اللوزيتيْن سحرًا جديدًا لم ألحظه من قبل.

ما إنْ دخلتْ إلزا حتى سألتني وهي تشمّ الهواءَ بتلذّذ:

ــــ هل هذه الرائحة من عندك؟

ــــ نعم، أومأتُ برأسي متفاخرًا.

ثم عانقتُها، وحصلتُ على قُبلةٍ خاطفةٍ فوق شفتيّ.

 

***

 

بدخولها، شعرتُ أنّ البيت اتّسع، وأنّ وزني خفّ حتى بتُّ قادرًا على الطيران. كانت هادئةً بطريقة لافتة، وكنتُ بركانًا يمشي على قدمين. لكنّها "تحبّ كلَّ ما يُطبخ على الأصول." لذا انتظرتُها إلى أن جالت في المكان وتفحّصتْه جيّدًا، وعاينتْ بعضَ الكتب الملقاة على الطاولة الصغيرة قرب الباب. وبينما كانت مشغولةً بتصفّح ديوانٍ من الشعر، أوقدتُ شمعةً كانت على رفّ المكتبة، ثمّ اقتربتُ منها وقدّمتُ لها كأسًا من النبيذ. شكرتني، وتناولتْ رشفةً منه، ثم قالت مغمضةَ العينين:

ــــ أحبُّ هذا الشعور.

وقبل أن تفتحَ عينيها كنتُ قد طبعتُ قبلةً لطيفةً فوق شفتيها جَعَلَتْها تتنهّد بعمق. فألحقتُها بأخرى طويلة وأنا أرفع الكأسَ من بين يديها وأضعها على الطاولة القريبة، ثم أحيط خصرَها بيدي. قدّمتُ لها المقبِّلات التي طَلَبَتْها، ولم أنسَ الأصول. سمعتُ صوتَها المبحوح وهي تتأوّه من اللذّة وتهمس في أذني "بحبّك" عشراتِ المرّات، بينما راحت تتمرّغ بي كلبوةٍ برّيّةٍ في لحظة شبق.

خلال لحظات كنّا في السرير، وثيابُنا متناثرةً على الأرض. كان السرير تحت النافذة تمامًا، وكانت الستارةُ خمريّةَ اللون مزركشةً برسوم الفراشات والأزهار ــ ــ ما جعل جسدَها يصطبغ بلونٍ زهريٍّ خفيف، زيّنتْه خيالاتُ الفراشات والأزهار، وخالطها سربٌ من الشامات: يمتدّ من خصرها على يسار السرّة، إلى قمّة نهدها الصغير ذي الحلمة الرقيقة النافرة. كانت شاماتُها تشبه رشّةً من البهارات، نثرتْها يدٌ خبيرةٌ.

أخذتُ أُلملمُها بشفتيَّ تباعًا، ثم أعود وأطلقها لأبحثَ عن غيرها، فأجد ما هو أشهى وألذّ. كانت أصابعي توقد النارَ في جسدها، وكنتُ آخذ وقتي في معالجة التفاصيل، "على نارٍ هادئة" كما قالت. لذا جعلتُ الأمر يطول، على الرغم من رغبتي الجامحة في إطلاق جنوني النهائيّ. كان جسدُها سهلًا مليئًا بالخير، فأطلقتُ خرافي ترعى في تلاله ووهادِه وفي كلّ طيّةٍ وغورٍ من طيّاته وأغواره. وكانت تهشّ بعضَها إنْ شردتْ هنا أو هناك، فتنصاع المسكينةُ وتعود صاغرةً إليّ. ولم تبخلْ عليّ هي الأخرى، وفاجأتني بمبادراتها التي لم تخطر في بالي. فاستسلمتُ لأصابعها وشفتيْها تعبث بي كيف شاءت.

هكذا مضينا، حتّى تعانقتْ شهقاتُنا، واعتصرنا كلَّ أنّةٍ من أنّاتِنا، وفاض ما فاض منّا على جسدينا والسرير. فاحتضنتُها، ومسحتُ قطراتِ العرق عن عنقها وجبينها، وقبّلتُ عينيها وشفتيها، وضممتُها إلى صدري كما تضمّ الأمُّ صغيرها. لا أعلم ماذا حكينا وماذا قلنا. لا أعلم إنْ كنتُ أنا مَن بدأ الضحكَ أو الصراخَ أو أيًا من تلك الحماقات التي تبارينا بها. ثمّ شربنا النبيذ حتّى صرنا نبيذًا. وانتهينا إلى ما بدأنا به، وعدنا لنفعلَ ما فعلنا. إلى أن حَمَلَنا التعبُ على جناح الوقت. ومن دون أن ننتبه، غفونا وأخَذَنَا السحْر.

***

عندما استيقظنا تذكّرتُ أنّنا لم نتناول لقمةً من الصحون التي كانت فوق الطاولة، فأكلنا بشهيّة حتّى شبعنا، وتسابقنا إلى غسل الصحون. ثم جلسنا نشرب الشاي، وكلٌّ منّا يحدِّق في الآخر كأنّه وجد ما كان يبحث عنه منذ ألف عام. وكانت قبلاتُنا تجيب عن أسئلتنا وتطرح علينا أسئلةً أخرى. فسألتُها:

ــــ وماذا بعد؟

ــــ بعد ماذا؟ قالت بشقاوة.

ــــ بعد هذا، قلت.

ــــ يومٌ آخر في أقرب وقت، قالت وهي تقبّلني.

ثم أخَذَنَا الحديثُ، ولم ننتبه إلّا والظلامُ قد حلّ في الخارج، وعاد اللهُ إلى التقاط الصور من جديد. وعندما أخبرتُها بتلك القصّة ضحكتْ من قلبها. ثمّ مدّت يدها وأزاحتِ الستارةَ قائلةً: "لنبتسمْ كي تطلع الصورة أحلى.| فابتسمنا لوجه الله، وضحكَ الطفلُ في كلٍّ منّا. وغَمَرَنَا الضوء.

 

اللاذقيّة

 

 

عصام حسن

رسّام كاريكاتير، وكاتب من اللاذقيّة، سوريا. أقام العديد من المعرض في سوريا وشارك في معارض خارجها، له مؤلّفات عديدة، منها: ما قلّ ودلّ وهيك وهيك  (رسوم كاريكاتيريّة)، غيمة الشعر الوردية، وأكره اللون الأحمر (نصوص ورسومات للأطفال)،الحرب ومربّى الفريز،  وحدثينا يا شهرزاد، وعن الحب وفأر الطحين (نصوص وحكايات مختلفة).