فـي هجاء الـمـديـح
04-05-2016

 

- كيف  للمديح أن يضايقك؟

* أيّ مديح تقصد؟

- مدح الغير لك.

* لا. بل يضايقني بعضه.

- ولِمَ؟

* بعض المديح لا أصدّقه، فيدفع بي إلى أن أشكّ في صدق فضائلي وحقيقتها. يأتيني من انتهازيٍّ مفسود فتختلط مشاعري.

وبعضُه أصدّقه فأكاد أبلغ حافةَ الغرور والرعونة.

وبعضُه لا أعرف مدى صدقه من عدمه، فيُلْقي بي في حَيْرة.

وبعضُه يقال تحرّشًا لا براءة فيه ولا مداعَبة.

وبعضُه يقال استدراجًا كي أقابل صاحبَه بمديح مكافئ، فألوم نفسي لأنّها تكذب، أو لا أقوله فيغتمّ المادحُ المستدرِج ويندم ويحقد.

وبعضُه يقال استعلاءً وتظاهرًا، رغبةً من المادح في أن يَظهر بمظهر السخيّ العادل المنصف غير المتكبّر، أو بمظهر الأستاذ الذي يوزّع شهادات!

وبعضُه يقال صادقًا بطريقة سيّئة، فيسيء إليّ.

وبعضُ ما يوجَّه إليّ من مدح يقال ذمًّا لغيري، فيُبغضني ويحقد عليّ. مديحٌ ظاهريّ، باطنُه هجاءٌ وتصفيةُ حسابات.

- يا لطيف! كلّ هذا هو "بعض"؟! هل تبَقّى للمديح من محاسن؟! ألعلّ الذمَّ خيرٌ من المديح؟! ألعلّه الوجه الآخر؟!

* الحبّ أفضل من المديح!

- وهل كلُّ حبّ يرضيك؟

* لا. لا. مِن الحبّ ما يَخلق، ومنه ما يَخنق. بعضه يجعلك...

- يكفي... أحسّ بصداع... سلام...

عبلّين

حنّا نور الحاجّ

مدرّس للّغة العربيّة في بلدته الفلسطينيّة الجليليّة "عبلّين"، منذ العام 1988. حائز شهادة الماجستير في اللغة العربيّة وآدابها من جامعة حيفا.